المجموعة الثامنة - عيد الميلاد وعيد الفصح

أضيف بتاريخ 07/25/2023
rania.kattan

المجموعة الثامنة

عيد الميلاد وعيد الفصح


1 - الميلاد


431
يجد المسيحيون دوما مكانا مناسبا في بيوتهم وكنائسهم  لمغارة الميلاد بمناسبة الزمن الميلادي،  فهل تعتقد أنهم  يدركون  العبر الروحية  للمغارة؟

أعتقد أن معظمهم يدركون العبر الروحية الكثيرة للمغارة الغنية بصمتها وفقرها، حيث ولد يسوع المسيح وقمطته أمه واضجعته في المذود، فرقد فوق حفنة من التبن. كلنا حلمنا بهذا الطفل الإلهي وبأمه البتول القديسة، وحلمنا بتلك الليلة الشفافة التي انطلق فيها جوق الملائكة يسبحون الله ويبشرون العالم بعهد الرحمة والسلام. أما العالم فلا يزال متعثرا لا ينعم بالسلام، لانه لا يتخذ الحكمة التي من عل نورا لسبيله وهدى لخطواته. ونكتفي هنا بالإشارة الى عبرتين:

العبرة الأولى: هي صمت المغارة
هنيئا للمسيحي الذي يقف صامتا إلى جانب مريم البتول في المغارة لكي يتعلم منها أن يعبّر معها بصمت الحب والتقوى والخشوع، عن إيمانه بسر التجسد: "الكلمة صار بشرا وحل بيننا". السر الإلهي الذي تألق في مغارة بيت لحم ليلة الميلاد هو أن كلمة الله تأنس  وحل بيننا. هنيئا للمسيحي الذي ينظر بحب وإيمان إلى ضعف طفل المغارة  ليكتشف فيه قدرة الله الخفية.


العبرة الثانية: فقر المغارة
هنيئا للمسيحي الذي يتأمل في هذه المغارة الفقيرة العارية، وفي فقر مريم ويوسف. في هذا الفقر المدقع، وُلد الطفل الإلهي وملأ الكون سعادة واغتباطا. جاء المسيح فقيرا لكي يغنينا بفقره وخيراته الإلهية. التجرد والسخاء حبا للمسيح بطولة روحية. وكثير من محبي المسيح يعيشون هذه البطولة الروحية في الكهنوت والنذور الرهبانية والتكريس. وكثير من العلمايين جعلوها شعارا لحياتهم ورسالتهم فأسّسوا الجمعيات الخيرية لمساعدة الفقراء. وعدد من هذه الجمعيات الخيرية والمؤسسات تعمل في بلادنا ورعايانا، مثل الكاريتاس، ومار منصور، والبعثة البابوية، وسيدة السلام لذوي الاحتياجات الخاصة، وصندوق الرجاء، والمبادرات الكثيرة في رعايانا التي يقوم بها الطيّبون من محبي المسيح، بصمت دون ضجة ودون إعلام، لأنهم يطلبون وجه الله وخير الإنسانية، ويؤمنون بأن كل ما يفعلونه للفقراء والمحتاجين إنما يفعلونه للمسيح.

432
متى بدأ المسيحيون يعتقدون أن المسيح وُلد في تلك المغارة التي أقاموا فوقها الكنيسة؟ ولمن تعود ملكية المغارة؟

التقليد المسيحي، منذ عهد الرسل، يؤكد على أن السيد المسيح وُلد في تلك المغارة المعروفة اليوم ب "مغارة المهد" في بيت لحم. القديس يوستينوس النابلسي الذي استشهد في روما، في منتصف القرن الثاني، وكان فيلسوفا يعلم الفلسفة في جامعاتها، ذكر أن المسيحيين يُجلّون هذه المغارة منذ منتصف القرن الأول، لأن السيد المسيح وُلد فيها.

يذكر التاريخ أن الامبراطور الروماني أدريانوس (117-138 للميلاد) الذي أضطهد المسيحيين أمر بإقامة تمثال لأدونيس تموز إله الدعارة، فوق المغارة أملا منه في أن يؤدي ذلك إلى نسيان المسيحيين للمكان الذي ولد فيه السيد المسيح. إلا أن عمله هذا أدى إلى النتيجة العكسية، إذ أن هذا النُصب ساعد المسيحيين، على تحديد المغارة المقدسة. فبقي المكان مرسوما في ذاكرتهم، وفي قلوبهم، جيلا بعد جيل.

بعد انتهاء عصر الاضطهاد سنة 313 للميلاد على يد الملك قسطنطين، جاءت والدته القديسة هيلانة تحج إلى الأراضي المقدسة، وأمرت بإزالة تمثال أدونيس تموز، فظهرت مغارة مولد السيد المسيح، وشيدت فوقها الكنيسة التي لا تزال قائمة حتى اليوم. وقد سلمت هذه الكنيسة من الدمار، حين دخلها الفرس الغزاة سنة 614. ويعود الفضل إلى رسوم المجوس الذين يرتدون أزياء فارسية.

أما المالكون الرئيسيون للمغارة والكنيسة فهم اللاتين واليونان الارثوذكس والأرمن الارثوذكس. وتمارس هذه الكنائس مراسيمها الدينية يوميا بالتناوب لا سيما أثناء فترة الميلاد.

جدير بالذكر أنه على مسافة بضعة أمتار فقط من كنيسة المهد والمغارة، تقع كنيسة القديسة كاترينا التي أقامها الآباء الفرنسيسكان سنة 1882 لخدمة الرعية اللاتينية في بيت لحم. وعلى بُعد أمتار من مغارة المهد، تقع المغارة التي سكنها القديس ايرونيموس الناسك (340-420) وترجم فيها الكتاب المقدس من العبرية إلى اللاتينية. وقد سُميت ترجمته هذه الشهيرة بالترجمة الشعبية لأن البابا داماسيوس (366-384) أرادها أن تكون في متناول أيدي الشعب المسيحي الناطق باللاتينية.

 

 

433
هل من المؤكد أن الرعاة الذين ظهر لهم الملاك كانوا من بيت ساحور؟ أليس من الممكن أن يكونوا من منطقة بيت جالا الواقعة غربي بيت لحم؟

ذكر لوقا الإنجيلي أنه كان في تلك الناحية رعاة يبيتون في البرية، يتناوبون السهر في الليل على ماشيتهم. فحضرهم  ملاك الرب، وأشرق مجد الرب حولهم، فخافوا خوفا شديدا. فقال لهم الملاك: "لا تخافوا، ها إني أبشركم بفرح عظيم يكون فرح الشعب كله: ولد لكم اليوم مخلص في مدينة داود، وهو المسيح الرب. اليكم هذه العلامة: ستجدون طفلا مقمطا مضجعا في مذود. وانضم إلى الملاك بغتة، جمهور الجند السماويين يسبحون الله فيقولون: "المجد لله في العلى، والسلام في الأرض للناس أهل رضاه". 

يقول الإنجيلي "في تلك الناحية" وذهبوا بعد ظهور الملاك إلى المغارة. فهذا يعني أن المكان كان قريبا. ونقل التقليد المسيحي أن الرعاة كانوا يرعون قطعانهم في منطقة بيت ساحور الحالية، الملاصقة لبيت لحم من الجهة الشرقية، على بُعد بضعة كيلومترات شرقي مغارة المهد. هذا ما نقلته الروايات الشفوية والمكتوبة منذ القرن الأول، وما ذكره المؤرح الكنسي اوسابيوس (265-340) والقديس ايرونيموس (340-420) وغيرهما. وسُمي المكان "المرعى المقدس" وأقيم فيه دير رهباني منذ القرن الخامس. وأما الآن فيزيّن المكان كنيسة صغيرة صممها بهيئة خيمة المهندس الإيطالي الشهير انطون برلوتسي، وأقامتها حراسة الأراضي المقدسة سنة 1954.

434
ألم يكن باستطاعة المسيح أن يولد غنيا  وأن يعيش فقيرا وأن يُحسن التصرف بالمال؟

كان باستطاعة المسيح أن يولد غنيا وأن يعيش فقيرا، كما تقول. ولكنه فضل، بحكمته الالهية، أن يولد فقيرا في مغارة عارية وفي أسرة فقيرة، لكي يعلم الناس أن للفقر على الغنى فضلا، وأن كرامة الإنسان لا تقاس بكثرة ماله، وأن الفقر ليس خطيئة وليس ذُلا. وإنما الذل هو أن يفقد الإنسان إنسانيته لفقره أو لغناه، ويحيد عن مكارم الأخلاق، بعيدا عن الرب، وبعيدا عن الآخرين:" أحبب الرب إلهك وأحبب قريبك حبك لنفسك". 

وقد عانت أسرة يسوع ومريم ويوسف بهربها إلى مصر، ما تعانيه اليوم عائلات كثيرة مهاجرة إلى بلاد أخرى، مشردة، مظلومة، مضطهدة، تطلب العيش الكريم، والأمن والأمان والاستقرار. جاء السيد المسيح  إلى العالم نورا وحقا وخادما للخلاص. وهو بميلاده وحياته وتعاليمه الإلهية يخاطب الإنسان بالحب والرحمة والسلام، كي يجمع شمل الناس ويرمم فيهم ما تهدم، ويعود بهم إلى الطريق السوي الذي يفضي بهم إلى الملكوت السماوي. 

عالم اليوم، المتباهي باكتشافاته التي حققها بقدرته الذاتية، قلب الكثير من المفاهيم في النظم الدولية والعلاقات الإجتماعية، وحطم الكثير من الثوابت الأخلاقية في حياة الأفراد والجماعات. فازداد الظلم والعنف والقلق، وازدادت الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة، وانتشر الفساد بين الناس. وبالرغم من كثرة خيرات عالم اليوم، فإن العالم  أكثر من أي زمن مضى، يعاني الفقر والجوع، والمرض والجهل، وأصبح الملايين من أبنائه مشردين هاربين من الإضطهاد والظلم والاستبداد، طلبا للعيش الكريم والأمن والإستقرار. 

وأمـا شرقنا اليوم فهو يزداد عنفا وقلقا واضطرابا ودماء ودمارا. قالوا فيه: "إنه الربيع العربي". ونحن نقول: الربيع يحمل ورودا وأزهارا،  بينما الربيع العربي يحمل عنفا وإرهابا ودمارا.


435
قال الملائكة ليلة ميلاد المسيح إن السلام سيعم الأرض وإن ذوي الإرادة الصالحة سيجدون سلاما، فما هي الإرادة الصالحة؟

الإرادة الصالحة هي أولا الصدق مع الذات ومع الله ومع الناس. وهي شرط  رب العالمين لتحقيق السلام على الأرض في جميع أبعاده. صاحب الإرادة الصالحة يلتزم بالأخلاق الحميدة والنوايا المستقيمة، ويطلب للاخرين ما يطلبه لنفسه من رحمة ومحبة وخير وسلام، فلا ينغلق على ذاته بل ينفتح على الناس بالمودة والحوار وعمل الخير لهم والالتزام بكل ما هو حق ومستحب.

ولذلك صاحب الإرادة الصالحة يستنير قبل كل شيء بإيمانه بأن الله خلق الإنسان لأنه يحب الإنسان وجعل له كرامه فريدة بين الخلائق. ويعلمنا إيماننا بان الله الخالق رؤوف رحيم، يشرق شمسه على الأبرار والأشرار، ويساوى بين الناس وإن اختلفوا دينا وجنسا، لا يستثني من حبه ورحمته أحدا.

والإرادة الصالحة ليست كلمة حلوة يتغنى بها الناس بل هي حياة يعيشها الذين يحبون السلام ويسعون إليه. وبالتالي فإن أعظم ما في الإنسان ليس عمله ولا ماله ولاصحته ولامكانته الاجتماعية بل أعظم ما فيه هو إيمانه وتواضعه ومحبته ورحمته وأخلاقه الحميدة من صدق وحب وسلام.

العالم لا ينعم بالسلام لأن الكثير من الدول القوية بالسلاح والعلم والمال ضحّت على هيكل مصالحها بالإرادة الصالحة، فتجاهلت العدل والاستقامة وداست كرامة الإنسان وانتهكت حقوقه التي بها ميز الله طبيعته الإنسانية، واستباحت ثوابت الآداب والأخلاق. ولذلك ترى عالمنا يتخبط في متاهات الجشع والظلم والعنف، ويعاني من القلق الأمني والاقتصادي والسياسي الذي يفجّر الحروب ويجر الويلات. وتكثر في العالم اليوم المشادات والصراعات، والنزعات إلى رفض الاخر مما يظهر في الأصوليات الدينية والحروب بين الاتنيات والصراعات العرقية والهوة التي تزداد عمقا واتساعا بين الفقراء والاغنياء. فالمآسي تكثر حيث تفتقر الدول إلى الإرادة الصالحة.

436
مظاهر عيد الميلاد معروفة لدينا: المغارة وأنوارها  وأشجارها. فهل لك أن تشرح لي رموزها؟

مظاهر عيد الميلاد الإجتماعية جميلة ومفيدة جدا لأطفالنا ولذواتنا ولمجتمعنا. فشجرة العيد ترمز إلى الحياة، والمسيح هو الحياة. وأضواء العيد ترمز إلى المسيح نور العالم. والشجرة وأنوارها ترمز إلى سلام السماء ورحمة الله لأهل الارض. 

أما المغارة التي نقيمها في كنائسنا وبيوتنا فإنها ترمز إلى إيماننا بأن المسيح وُلد من مريم البتول في مغارة بيت لحم من أجل خلاصنا. فعندما تقف أمام المغارة بصمت وخشوع وتفتح قلبك لسلام المسيح فإن نوره الإلهي يغمر قلبك سلاما وحبا وإيمانا ويدعوك إلى نبذ الحقد والبغض وإلى البساطة والصدق في التعامل مع للناس.

أجواء الميلاد ورموزه الجميلة كلها تعود بنا الى حدث الميلاد التاريخي المجيد، وهو أن المسيح كلمة الله ولد لنا، وصار برا وقداسة وفداء للكبار والصغار، للاغنياء والفقراء، للمرضى والأصحاء، لذوي الاحتياجات الخاصة ولغير ذوي الاحتياجات الخاصة، من كل شعب ودين. لان البشر كلهم إخوة، وكلهم موضوع حب الله.

 

 

437
لماذا لا يزال شرقنا العزيز مسرحا للعنف والدمار والفقر بالرغم من أن السماء ليلة الميلاد وعدت أن يعم السلام في الأرض؟


إن الله يريد السلام  لكل إنسان ولأهل الأرض قاطبة. ولكن، على المستوى العالمي، فإن البشرية كلها في أيامنا الحاضرة قلقة ومضطربة وبلاد كثيرة  تعاني من العنف والحروب. إنسان اليوم خائف من يومه، مذعور من غده، وكيفما وجّه أفكاره فلا يجد إلا ما يروعه ويعكر عليه صفاء الحياة. عيد الميلاد يكشف لنا السبب وهو أن الإنسان يفتقر إلى الصدق والإرادة الصالحة وينساب بسهولة مذهلة نحو الشر والعنف والطمع والاستعلاء والابتبزاز. 

كيف يستتب السلام بين الناس، والناس متمردون على الله وعلى القيم الأخلاقية التي سنها الله  للإنسان؟ وكيف يضمن قادة الأمم لشعوبهم سلاما إذا كانوا لا يعرفون للعدل سبيلا ولا يراعون كرامة الناس وحقوقهم الإنسانية ولا يحترمون الشرائع الأدبية التي أرادها الله قاعدة للسلوك ودستورا للحياة ويستبيحون الوسائل الحرام لكسب المال؟.

الإرادة الصالحة هي ركيزة السلام وهي تحمل في طياتها باقة من الورود، من العدل والصدق في التعامل مع الاخرين والاحترام المتبادل بين الناس واحترام حقوق الآخرين واهتمام الأغنياء بالفقراء والمعوزين وتوفيرفرص العمل والحياة الكريمة للمواطنين ورفع مستوى المعيشة، ومعالجة جيوب الفقر ومد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة. فالإرادة الصالحة ليست كلمة نتغنى بها بل هي مسلك انجيلي تطبيقي حيث نفعل للاخرين ما نريد أن يفعل الآخرون لنا. 

 

2 – الفصح


438
ماذا يعني الفصح  الذي نقرأ عنه في كتب العهد القديم؟

الفصح عند اليهود يعني الاحتفال بذكرى خروج الشعب الإسرائيلي من مصر (خر 12/1،  12-14، 24-27). وتعني كلمة فصح "العبور". وتستعمل كلمة الفصح للتعبير عن العيد (عيد الفصح) كما تعني أيضا "الحمل الفصحي" الذي يؤكل في العيد وهو حمل حولي  ياكلونه في تلك الليلة، مشويا بحسب طقس معين، مع خبز فطير وأعشاب مُرّة ويشربون معه نبيذا رمزا إلى الاستعداد للخروج من مصر، وينشدون أناشيد الشكر. ويحتفل اليهود بالفصح في الرابع عشر من نيسان حيث تذبح  كل أسرة أو كل جماعة  حملا.

إن الفصح يذكّر بأن الله خلّص شعبه، شعب العهد القديم، من عبودية مصر وأن الحمل الفصحي يرمز إلى المسيح (1 كو5/7، مرقس 8/15). فالسيد المسيح احتفل في إطار عيد الفصح في العهد القديم بالوليمة التي بها أسس العهد الجديد في استباق طقسي لموته، وقد وضع معنى جديدا للخبز والخمر اللذين قدمهما كربّ العائلة. فالاحتفال المسيحي بالفصح يذكر في آن واحد بهذا التأسيس في العهدين القديم والجديد.

439
هل نحن نعتبر  فراغ القبر دليلا على قيامة المسيح وبرهانا للإيمان بها؟ 

لا تعتبر الكنيسة فراغ القبر صباح أحد القيامة وغياب جسد يسوع  أساسا لإيماننا بالقيامة، ولا تعتبرهما شهادة ناطقة بأن المصلوب قام ودخل بجسده في مجد الله. ولكنّ فراغ القبر تشرحه  ظهورات يسوع القائم من بين الأموات ممجدا.

لا تقدم الكتب المقدسة أي وصف لحدث القيامة عينه. ولا تروي أن إنسانا ما شاهد القيامة. فالقيامة هي أولا عمل سري فريد، قام به الله سيد الحياة والموت. فالله في يديه سلطان كل شيء. وله ينبغي التسليم المطلق في الحياة والموت. ولذلك فهي موضوع إيمان. وهي في نفس الوقت، حدث تاريخي لا يحتمل جدلا ولا تأويلا. فالرسل والنسوة اللواتي ذهبن الى القبر باكرا، ومن ثم رؤساء اليهود، كلهم وجدوا أنفسهم صباح الأحد أمام حقيقة تاريخية مذهلة وهي حقيقة القبر الذي كان فارغا، إلا من الاكفان.

لقد كان القبر فارغا لأن الذي دُفِن فيه قام منه ممجّدا، وقيامته التي نعترف بها هي أساس أيماننا المسيحي وهي تملأنا فرحا وسعادة ورجاء. فحدث القيامة يخترق عالم التاريخ مكانا وزمانا.

440
كيف كان جسد يسوع بعد القيامة؟ هل كان مثل أجسادنا؟

لم يكن جسد يسوع بعد القيامة روحا ولا خيالا. ولا كان مثل أجسادنا الفانية، بل كان جسدا ممجدا، يروح ويجيء، يظهر ويختفي كما تفعل الروح تماما. وقد لمسه التلاميذ بأيديهم وأكلوا معه، ولن يكون للموت عليه من سلطان.

441
أنا أومن بالقيامة، فكيف يمكنني أن أعيش القيامة بحيث لا تكون حياتي هروبا مستمرا من الموت الذي سوف ألتقيه في نهاية المطاف، شئت أنا أم أبيت؟

أنت ابن القيامة. الله لم يخلقك للموت بل للقيامة والحياة الأبدية. ليس أمرا عظيما أن تتجنب الموت لفترة قصيرة ثم تموت. إنما الأمر العظيم هو خلاصك من الموت. لقد ضمّ السيد المسيح البشرية كلها إلى ذاته لما اتخذ طبيعتنا البشرية في سر تجسده، وضمها إلى الآمه وموته، وإلى قيامته. ولو لم يغلب السيد المسيح الموت بقيامته المجيدة لما كان مُخلِّصا، ولما كان للصليب من معنى. فالبشرى بقيامته المجيدة هي البشرى بقيامتك لتكون شريكا في مجده. فانظر إلى يسوع المصلوب بعين القلب، لترى فيه ذاتك. بالموت يُزرع جسدك في القبر بفساد، ليقوم منه بغير فساد منتصرا بالمجد والكرامة، لحياة خالدة مع الله، تفوق تصور البشر. لأن الله أعد لمختاريه ما لم تره عين ولا سمعت به أذن ولا خطر على قلب بشر (1كو 13/12).

ستنتهي مسيرتك، ولكن أين تنتهي؟ وكيف تنتهي؟ ومتى تنتهي؟ فكن إنسانا حكيما، ولا تضيع وقتك، ولا تهدر حياتك. لا تجازف بها. حياتك ليست رخيصة. القيامة تنتظرك في نهاية الطريق. إنها ليست حلما بعيدا، وهي ليست وهما ولا خيالا، بل هي حقيقة أنت تقترب منها يوما بعد يوم. نورها يضيء لك الطريق. فلا تخف أن تسير في نورها مرنما، لتكون قيامة المسيح المجيدة قيامتك، وملكوته ملكوتك. الموت يرعب الإنسان البعيد عن الله. أما الإنسان الصالح فينظر اليه وينتظره بحب ورجاء، ويقدّمه سلفا لله كل يوم، بحيث عندما تاتي الساعة، يكون  مستعدا، ولا يصل اليه مرغما مغلوبا، بل يصل اليه راضيا خاشعا مؤمنا.

442
ما هي معاني  الفصح عندنا وهل هي معاني الفصح العبري؟

1 - الفصح عند العبرانيين هو الإحتفال بذكرى عبورهم البحر الاحمر، ومن العبودية في مصر  إلى الحرية وأرض الميعاد. أما الفصح المسيحي فهو عبور من عبودية الخطيئة إلى حرية أبناء الله. ويُسمّى الفصح أيضا "العيد الكبير" لأنه أهم الأعياد وأكبرها. ويُسمى كذلك "عيد القيامة" تعبيرا عن إيماننا بقيامة المسيح من القبر منتصرا على الموت. فيه يلقي المسيحي التحية على المسيحي قائلا: "المسيح قام"، فيجيبه الآخر قائلا: "حقا قام" !

كانت شعائر العهد القديم ترتكز على الذبائح والمحرقات وسيلة للتوبة وللحصول على المغفرة. أما في العهد الجديد فإن السيد المسيح قد أبطلها، بتقديم نفسه ذبيحة على الصليب من أجل الخطأة، مصالحا الله القدوس والإنسان الخاطىء. فالمسيح حمل الله الحامل خطايا العالم، فصحنا الذي ذُبح لاجلنا. بموته وقيامته عبرنا من الموت الى الحياة، وخرجنا من الظلمة إلى النور. 

2 – عيد الفصح عند المسيحيين هو الإحتفال بقيامة المسيح حيّا ممجّدا قائما من بين الأموات. وقيامته، من الإيمان المسيحي، هي حجر الزاوية وركن الأساس، لأن مسيرة الخلاص تتمحور حول ذبيحة يسوع على الجلجلة وقيامته المجيدة المظفّرة. فموت يسوع على الصليب هو قمة عطاء حبه لأبيه ولإخوته البشر لأن: "ليس لاحد حب أعظم من حب من يبذل نفسه في سبيل أحبائه". وقيامته من القبر بقوته الذاتية هي تخليد لذبيحته وانتصاره على الموت، وإيذان بقيام ملكوته وحلول فدائه الذي من أجله مات. فالإحتفال بالفصح هو احتفال بتحررنا من الخطيئة ومن الموت. 

الإيمان بالقيامة يعطي الحياة البشرية كرامتها وحقوقها. فالحياة ليست غرضا نتحكم به بل حقيقة مقدسة. فإذا ما استهان بها البشر، انتصروا للموت على الحياة، وللظلم على العدل، وللحرب على السلام. فمن أول  واجبات الإنسان وحقوقه أن يسعى إلى حياة لا تنتهي، وأن ينتصر للحب الأصيل  ليكون الحب عنده أقوى من الموت.

443
يعتقد الكثيرون من المسيحيين أن عيد الفصح يبدأ مع سبت النور، ويعتقد غيرهم انه يبدأ صباح أحد القيامة، 
فمن منهم على صواب؟

1 - يبدأ العيد بالطقوس الليتورجية الخاصة بسبت النور، وهي تقام عادة بعد غياب الشمس. في الليتورجية اللاتينية، تُسمى طقوس سبت النور "العشية الفصحية"، لأنها بمثابة سهرة صلاة وتقوى وعبادة. وقد خصتها الكنيسة باجمل الطقوس. وتبدأ الاحتفالات ب "ليتورجية النور" حيث يبارك الكاهن النار الجديدة ويوقد منها الشمعة الفصحية التي ترمز إلى المسيح القائم نورا للعالم ويحفر عليها: "المسيح أمس واليوم، هو البدء والنهاية، هو الألف، هو الياء، له الأزمنة، له الدهور له المجد والعزة، إلى دهر الدهور. آمين"، بعدها يغرز الكاهن في الشمعة الفصحية حبات البخور الخمس رمزا إلى جروح المسيح الخمسة. ثم يضيء الشمعة الفصحية من النار الجديدة وهو يقول: "المسيح القائم ممجّدا فليبدد ظلمات قلوبنا وأفكارنا"، وبعدها يدخل الكنيسة مع خدام الهيكل ويرنم ثلاثا "نور المسيح" عند باب الكنيسة وفي وسطها وعند الهيكل، فيجيبه الشعب كل مرة: "الشكر لله" وتضاء أنوار الكنيسة رمزا لنور المسيح الذي انتشر في العالم كله. وبعد أن يرتل الكاهن المديح الفصحي. تبدأ ليتورجية الكلمة المؤلفة من تسع قراءات من الكتاب المقدس، وهي تختصر مسيرة الخلاص في التاريخ. وبعد ليتورجية الكلمة يبدأ الكاهن بإقامة ذبيحة القداس. وبعد العظة يبارك ماء المعمودية ويجدد المؤمنون مواعيد العماد معلنين كفرهم بالشيطان وإيمانهم بالمسيح القائم، ثم يُعمّد طالبي العماد. 

2 – كذلك في الطقوس الشرقية الكاثوليكية، فإن الإحتفال بالعيد يبدأ أيضا بليتورجية سبت النور. يتحدث الكثيرون عن "الهجمة" في سبت النور دون أن يفهموا معناها الحقيقي. والهجمة كلمة فارسية معناها "قيام العيد". ينتهي الصوم الأربعيني ليلة سبت النور حيث تقام صلوات طقسية طويلة، يخرج في نهايتها المصلون من الكنيسة، كهنة وشمامسة وشعبا، ويطوفون حولها ثلاث مرات حاملين الشموع وإيقونة القيامة مرتلين الترانيم الطقسية، رمزا لانتصار المسيح على الموت. وتغلق أبواب الكنيسة من الداخل. وفي نهاية الدورة الثالثة حول الكنيسة، يقف الكاهن أمام الباب المغلق ومن خلفه جمهور المؤمنين ويرتل قائلا: "انفتحي أيتها الأبواب الدهرية ليدخل ملك المجد"، فيجيبه أحد المرتلين من الداخل: "من هو هذا ملك المجد؟ فيقول الكاهن: "هو الرب الجبار، الرب القوي في القتال، هذا هو ملك المجد". ويكرر ذلك ثلاث مرات سؤالا وجوابا، وبعد المرة الثالثة يضرب الكاهن الباب بعصا الصليب، وتفتح الأبواب ويدخل الجميع بالترانيم والهتافات.

444
نحن نؤمن بقيامة المسيح  على أنها حدث تاريخي، أليس كذلك؟

قيامة السيد المسيح من الموت هي موضوع إيمان، بل هي قمة الإيمان المسيحي. وقد آمنت بها وعاشتها الجماعة المسيحية الأولى باعتبارها حقيقة رئيسية تناقلها التقليد وأثبتتها وثائق العهد الجديد، وأصبحت مع الصليب محور البشارة المسيحية.

قيامة السيد المسيح من القبر حدث تاريخي حقيقي. في اطار أحداث الفصح، فإن القبر الخالي والأكفان المطروحة جانبا، وزلزلة القبر ... الخ، كانت العلامات الأولى للوقوف على واقع القيامة. وظهورات المسيح المتكررة كانت الدليل والبرهان. بولس الرسول في الرسالة الأولى إلى أهل كورنتس، يذكر تقليد القيامة الحي الذي تعلمه: "إني سلمت اليكم أولا ما قد تسلمت أنا نفسي، أن المسيح قد مات من أجل خطايانا على ما في الكتب، وأنه قبر، وأنه قام في اليوم الثالث على ما في الكتب، وأنه تراءى لكيفا ثم للاثني عشر" (1 كو 15/3-4).

2 – النساء القديسات اللواتي أسرعن في صباح الأحد الباكر لكي يحنطن جسد يسوع كنُ أول من ظهر لهن يسوع القائم من الموت. قال لهن الملاك: "لِماذا تبحثن عن الحي بين الأموات إنه ليس ههنا بل قام" (لو 24/5-6).. ثم تراءى يسوع لبطرس ثم للإثني عشر. 

3 - إيمان الجماعة الأولى قائم على شهادة الرسل. ولكن ليسوا هم وحدهم إذ أن بولس الرسول يتكلم أيضا بوضوح عن أكثر من خمسمائة شخص ظهر لهم يسوع معا. ولم يكن من السهل على التلاميذ أن يؤمنوا أنه قام من الموت. فكانوا في البداية واجمين وخائفين ولم يصدقوا كلام النساء القديسات لدى رجوعهن من القبر، وبدا لهم كلامهن هذيانا (لو 24/11). وعندما تراءى يسوع للاحد عشر في مساء الفصح لامهم على قلة إيمانهم وعدم تصديقهم لمن رأوه قد قام من الأموات (مر 16/14).

4 – لم تكن قيامة المسيح عودة إلى الحياة الأرضية، كما كانت القيامات التي أجراها يسوع في أثناء حياته الأرضية مثل ابنة يائيروس، وابن الأرملة في نائين، ولعازر. كانت هذه الأحداث أمورا عجائبية. استعاد هؤلا الاشخاص الحياة الأرضية باعجوبة من يسوع ثم ماتوا بعدها. أما قيامة المسيح فمختلفة جوهريا. فالمسيح القائم من القبر ينتقل من حال الموت إلى حياة أخرى فوق الزمان والمكان، ولا يكون للموت عليها من سلطان. ودعا يسوع تلاميذه إلى التحقق من أن الجسد القائم من الموت والذي يظهر لهم فيه هو هو نفسه الذي مات على الصلب، إذ إنه لا يزال يحمل جراحه بادية على جسده. هذا الجسد لم يعد محصورا في مكان وزمان، ولم يعد مقيدا بالارض بحيث استطاع بولس الرسول أن يقول عن المسيح انه "الإنسان السماوي" ( 1كو 15/35-50)

5 – لم يكن أحد شاهد عيان على حادث القيامة نفسه، ولم يصفه الإنجيليون. قيامة المسيح هي حقيقة ايمانية خالصة تمت بقدرة الله. شخص المسيح الالهي ظل متحدا بنفسه وجسده اللذين انفصل أحدهما عن الآخر بالموت. بالقيامة عاد النفس والجسد إلى الاتحاد. وهكذا فالموت يجري بانفصال المُرَكّب الإنساني، والقيامة تجري باتحاد الجسد والنفس من جديد.

6 – أما معاني القيامة فهي كثيرة: "إن كان المسيح لم يقم، فكرازتنا إذن باطلة وإيمانكم باطل" (1 كو 15/14). فالقيامة هي اثبات لكل ما عمل يسوع  وعلم. وجميع الحقائق  تجد تبريرها بقيامة المسيح لأن قيامته هي البرهان النهائي على سلطته الإلهية. فحقيقة ألوهية يسوع تثبتها القيامة، وهي تحقيق لما سبق من نبوءات العهد القديم: "ونحن نبشركم بأن الوعد الذي لابائنا قد حققه الله لنا .. إذ أقام يسوع، على ما هو مكتوب في المزمور الثاني: أنت ابني وانا اليوم ولدتك". 

7 – السر الفصحي يشبه الأيقونة ذات الوجهين: الوجه الأول هو أن السيد المسيح بموته حررنا من الخطيئة، والوجه الثاني هو أنه بقيامته فتح لنا المدخل إلى حياة جديدة لا تموت، إلى التبرير الذي يعيدنا إلى نعمة الله: "حتى انه كما أقيم المسيح من بين الاموات، كذلك نسلك نحن أيضا في جدة الحياة" (رو 6/4). وهي تقوم بالتغلب على موت الخطيئة وبالاشتراك الجديد في النعمة التي بها نصبح أخوة يسوع، لا بالطبيعة بل بالنعمة. وأخيرا فإن قيامة يسوع هي عربون قيامتنا الآتية منذ الآن بتبرير نفوسنا، وفي الزمن الآتي باحياء جسدنا: "إن المسيح قد قام من بين الأموات باكورة الراقدين ... فكما أنه في آدم يموت الجميع، كذلك أيضا في المسيح سيحيا الجميع" (1 كو 15/20-22). 

القيامة نقطة انطلاق الأزمنة الأخيرة، أزمنة الخلاص النهائي. وتحمل القيامة إلى التعرف إلى يسوع بصورة كاملة: مسيحا وابن الإنسان وآدم الجديد ورأس الحياة المنتصر على الموت، ومبدع الخلق الجديد وأنموذجه، والإنسان الكوني للأزمنة الأخيرة, والسيد الحاضر في مجده بين جماعته. ومن هنا الحث على السير في الحياة الجديدة وارتداء الإنسان الجديد بقوة المسيح القائم من الموت.

445
عمليا سر القيامة هو سر حياتي الدائمة وسر مصيري السعيد الذي أرجوه من الله. فكيف أعيش لكي أنال نعمة الميتة الصالحة؟

نعم. إن سر السيد المسيح الفصحي، أي سر موته وقيامته، هو سر حياتك، سر موتك وقيامتك. بايمانك الراسخ، إجعل منه ينبوعا روحيا يروي حياتك، يُلبسها حلة النعمة والبهاء والسعادة، ويعطيها معناها الأخروي، فتمجد الرب الهك بفرح الضمير الطاهر، في فشلك ونجاحك، في فقرك وغناك، في صحتك ومرضك، لأن حياة كل إنسان هي خليط من كل ذلك. 

وإذا سقطت في الخطيئة عُد إلى الله تائبا، وإن كنت قويا فاعتن بالضعيف، وإن كنت ضعيفا فاحترم القوي، وإن كنت غنيا فاعط للفقير، وإن كنت فقيرا فلا تحسد الغني.  وإذا حاصرتك الهموم الدنيوية، وسدّت أمامك آفاق الحياة الكريمة، ولم يكترث لك أحد، وتجاهلك الناس من حولك وخذلوك، فاستمد قوتك ونورك في الحياة من المسيح القائل لك: "أنا الطريق والحق والحياة". ففي ختام طريقك الضيق، يشع لك نور القيامة المجيدة، ونور الحياة التي لا تموت، حيث ستنعم جسدا ونفسا بالمجد والخلود.  

446
ما عادة البيض والكعك والمعمول في عيد الفصح، هل هي من شروط العيد؟

من بديهيات الأمور في الاحتفالات بالأعياد الدينية، ولدى جميع الشعوب والأديان، أن تواكبها عادات اجتماعية للتعبير عن فرحة العيد. 

تقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية في أعيادنا الفصحية لا تمس معاني العيد الأصيلة لا من قريب ولا من بعيد. للعيد مقوماته من إيمان وحب ورحمة وتراحم وتوبة، لا تندرج إطلاقا في عالم المحسوس والملوس. فالعيد بمعانيه  السامية يبقى فوق هذه التقاليد والعادات، به يُعبّر المسيحيون عن ايمانهم بموت المسيح وقيامته لخلاص البشر، وعن عبور المسيح بهم وانتقالهم من موت الخطيئة إلى حياة النعمة. فالمسيح الذي صلب هو الذي يتمجد بالقيامة إلى الأبد. ومصير المؤمن بالمسيح هو من مصير المسيح قيامة وخلودا. 

أما بالنسبة لتلوين البيض والمفاقسة وتقديم البيض الملون هدايا للناس، فهو أساسا تقليد يعود إلى ما قبل المسيحية بزمن طويل، إذ كان الناس يلونون البيض، الذي يرمز إلى الحياة، بألوان مختلفة تعبيرا عن فرحهم واحتفالهم بالربيع الذي تتفتح فيه الأزهار. المسيحيون من أصل وثني أدخلوا هذه العادة معهم بدخولهم في الإيمان المسيحي وأعطوا تلوين البيض معنى مسيحيا للتعبير عن فرحهم وابتهاجهم بقيامة المسيح. واعتبروا أن الصوص الذي يكسر قشرة البيضة بقوته الذاتية ليخرج منها إلى الحياة، إنما يرمز إلى المسيح الذي دحرج، بقوته الذاتية، الحجر عن القبر، وقام من القبر ممجدا مظفرا إلى حياة مجيدة لا تنتهي ولا تزول.

وأما بالنسبة  للكعك والمعمول  فعادات اجتماعية للاحتفال بالعيد بعد صوم دام اربعين يوما. وهي ترمز إلى أن وراء آلام المسيح التي قاساها على الصليب حلاوة الفداء والخلاص من الخطيئة. وفي الأوساط المسيحية الشرقية، يعتبر بعض  المسيحيين أن الكعك المستدير يرمز إلى إكليل الشوك الذي وُضع على رأس المسيح أثناء محاكمته، وأن المعمول المستدير يذكر بالاسفنجة التي غمسها الجنود بالخل وأعطوها لبمسيح لكي يشرب، وهو معلق على الصليب. 
 
447
كيف يمكن أن يكون الفرح الفصحي فرحي وسلام المسيح سلامي؟

"السلام هو حالة الإنسان الذي يعيش بتناغم مع الله، ومع ذاته، ومع قريبه ومع الطبيعة. السلام باطني قبل أن يكون ظاهريا. إنه نعمة". سلام المسيح مشروع إلهي، مشروع فصحي. وهو  قبل كل شيء ثمرة الروح. وينبغي أن نطلبه من الله وأن نستعد له  بالتوبة: "توبوا وارجعوا لكي تُمحى خطاياكم، فتأتيكم من عن الرب أيام الفرج" (رسل 3/19-20). بولس الرسول يناشدنا قائلا: 

"إسعوا الى الأمور التي في العلى حيث المسيح جالس عن يمين الله. ارغبوا في الأمور التي في العلى، لا في الأمور التي في الأرض. لأنكم قد متّم وحياتكم محتجبة مع المسيح في الله ... أميتوا أعضاءكم التي في الأرض بما فيها من زنى وفحشاء وهوى وشهوة فاسدة وطمع وعبادة ألأوثان ... لا تنطقوا بقبيح الكلام ولا يكذب بعضكم بعضا ، فقد خلعتم الإنسان القديم، وخلعتم معه أعماله، ولبستم الإنسان الجديد ... إلبسوا عواطف الحنان واللطف والتواضع والوداعة والصبر. احتملوا بعضكم بعضا، واصفحوا بعضكم عن بعض إذا كانت لأحد شكوى من الآخر. فكما صفح عنكم الرب، اصفحوا أنتم أيضا. والبسوا فوق ذلك كله ثوب المحبة فإنها رباط الكمال. وليسد قلوبكم سلام المسيح، ذاك السلام الذي إليه دعيتم لتصيروا جسدا واحدا. وكونوا شاكرين" (قو 3/1-15)

المتواضع وحده ينعم بالسلام (مز37/11). فازرع محبة الله في قلبك بتوبتك الصادقة، كي يحفظ سلام الله الذي يفوق كل ادراك قلبك وذهنك في المسيح يسوع (فل 4/7).