قال اسحق السرياني: "الطير يطير، والسمك يسبح، والإنسان يصلي!" لقد خلق الله الإنسان بحسب الكتاب المقدس للحياة "قد أشهدت عليكم السماء والأرض بأنيقد جعلت أمامكم الحياة والموت،البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك مُحباً الرب وسامعاً لصوته ومتعلّقاً به، لأن به حياتك وطول أيامك..." (تث 30: 19-20). فالصلاة هي مصنع الحياة، فهي لقاء مع الحياة ونهلٌ منها. فكما أن للموسيقى ثالوث نتفاعل معه في أثناء الإصغاء: اللحن، الكلمات والإيقاع، كذلك الصلاة لها ما نتفاعل معه وما يقودنا: الكلمة التي نصليها، الطريقة التي بها نصلي، ثم الروح نفسه الذي يصلي فينا.
لماذا نصلي؟ لماذا نصلي ما دام الله يعرف كل ما نحتاج إليه دون أن نطلبه منه؟ حتى لو عرف الله طلباتنا احتياجاتنا، أدعيتنا، آلامنا، ضعفنا، خطايانا...إلخ. إلا أنه ينتظر أن نميل نحوه لنكلمه ونصغي إليه. لأن الله يدعونا، يكلمنا ويصغي إلينا. فعندما أجعل الروح يشكلني ويعمل فيّ فأنا أمنحه فرصة لكي يُظهر نفسه هنا وبين الناس.الصلاة هي حضور الله فينا، ونحن في الله. من يصلي فهو سهران، لأن هناك علاقة بين الصلاة والسهر (متى 26: 36-41)،ولأننا نكون على إتصال مع من ننتظر ومن نحبّ. فالصلاة تشكل عمود رئيسي وأساس لحياة الإيمان، لأنها الوسيلة بامتياز للقاء والحوار مع الله الآب والابن والروح القدس.لهذا سنحاول في هذه الصفحات أن نضع بعض الأفكار التي ستساعدنا على عيش الصلاة بطريقة مُبسّطَة وعملية وشخصية أكثر لأنها اختبار الله عملياً في حياتنا اليومية،ولأنها ليست نظرية ولا عقائدية بل علاقة حيّة ومعاشة وسنرى كيف يكون ذلك.