كما قلنا بأن الصلاة هي الوسيلة بامتياز لأن نلتقي بالله، وتتحد إرادتنا بإرادته. وهذه الوسيلة لها أشكال عديدة نذكر بعضا دون أن نحصر الصلاة فيها فقط.
1- صلاة التسبيح
وهو أحد أكثر الأشكال ممارسة وانتشاراً وغنى في علاقتنا بالله. فكل طقوسنا الليتورجيا تبدأ عادةً بهذه الصلاة. والكتاب المقدس هو نبع لهذه الصلاة بدءً من المزامير: (مز 113): "هللويا، يا عبيد الرب سبّحوا، لاسم الرب سبحوا ، ليكن اسم الرب مباركاً من الآن وإلى الأبد [...]" أو (مز 150): "هللويا، سبحوا الله في قدسه، سبحوه في جلد عزته، سبحوه لأجل مآثره، سبحوه لأجل وفرة عظمته [...]". والعهد الجديد كذلك، فالقديس بولس يطلب من أهل فلبي: "إفرحوا في الرب دائماً وأكرر القول إفرحوا" (فل4: 4) ولأهل أفسس: "أن نكون من ٍبق أن جعلوا رجاءهم في المسيح، للتسبيح بمجده" (أف1: 12).وكما في سفر الرؤيا: "أنت أهل أيها الرب إلهنا بأن تنال المجد والإكرام والقدرة، لأنك خلقت الأشياء كلها وبمشيئتك كانت وخُلقت"(رؤ 4: 11). إن صلاة التسبيح تساعدنا في أن نخرج من ذواتنا لنشكر ونعترف بجميل الآخرين علينا، مما يُشير بأننا لسنا نحن سبب الخير فينا بل الآخرين أي الله. وحركة الشكرة هذه تجعلنا نفرّغ أنفسنا من ذواتها لتمتليء من ذلك الذي صنع الخير لنا. في صلاة التسبيح نعترف بأن الرب هو المسيح وبأنه منتصر على الموت، ونحن "من ملئه ننال نعمة على نعمة" (يو 1: 16). لهذا يجب على صلاة التسبيح أن تكون في مقدمة صلاتنا لا بل أن تكون أساساً لها، إذ بها نعترف بأن الله هو أبونا، وأن السيد المسيح هو المخلص، فمن الممكن أن تكون كل صلاتنا تسبيح لكن من الأفضل أن تكون صلاة التسبيح هي مقدمتها وأساسها.
إن صلاة التسبيح هي أيضاً حلبة للصراعات الروحية: فهي ليست صلاة سهلة لأنها كثيراً ما تتأثر بصعوباتنا وأحزاننا وآلامنا وشكوكنا، وبنفس الوقت تتطلب منا أن نشكر الله ونسبّحه بالرغم من كلّ ذلك، لا لأجل كل هذه العقبات، بل لأنه موجود معنا ويعمل من خلالها. إن هذه الصلاة تصبح فعل إيمان قوي جداً لأنها تعبير حي عن موقف إيماني قوي جداً وثابت تجاه ما نواجه من عقبات، وموقف يؤكد على إيماننا بقدرة، محبة، وعناية الله التي أظهرها لنا في ابنه يسوع المسيح ربنا.إنها صلاة الشكر على تدّخل ووجود الله في حياتنا من خلال عهده الأبدي معنا الذي أبرمه في يسوع المسيح ابنه.