كثيراً ما يكون وقت الصلاة كحلبة مصارعة: فهي ممكن أن تكون جولة مصارعة مع الله أو ضده، حيث نرفض ولا نقبل ارادة الله، وهذا يكون عندما نتصام عنها. أو عندما تأخذ صلاتنا شكل حوار أحادي الجانب (monologue) مع الذات بدل من الإصغاء إلى ما يُحدّثنا به الله. فهي وقت عراك مع الله، والنصر يكون حليفنا عندما نترك الله يغلبنا كما حدث في صراع يعقوب من الله (التكوين 32: 23)، فإن انتصارنا يكون من خلال تسليم ذواتنا للرب، لأن انتصار الله علينا يعني انتصارنا نحن.
وهذا الصراع يكون:
1- صراع مع ذواتنا:الصلاة هي أيضاً حلبة مصارعة مع ذواتنا: فعندما يدفعنا الكسل والملل وضغوط العالم على إهمال وقت صلاتنا ولقاءنا مع الله، وعلى أن يفوتنا الموعد مع الله، وهذا ما يشير إليه النص الانجيلي:"دعني أذهب أولا فأدفن أبي..." لوقا 9: 59 أو عندما نشك بأن صلاتنا لا فائدة لها في حياتنا.
2- صراع مع العدو :الشيطان،المتّهِم، المجرّب: يجب أن لا نخاف من أن نسميه كما هو فنحن على حق في تسميته هكذا، فالقاعدة هي أننا كلما اقتربنا من الله أكثر، كلما زادت مقاومة هذا العدو لنا.فهنذا مثلاً مُهاجم بهذه الشكوك: بماذا تفيد الصلاة؟ لماذا أضيّع وقتي؟ صلاتي بلا فائدة! غبية وفقيرة...إلخ. وأنا غير مستحق لأن أقف أمام حضرة الله الذي لديه أشياء أفضل من أن يصغي إليّ! في الواقع يستطيع المجرب أن يجربنا بمختلف التجارب والأفكار والحالات التي يحاول فيها إبعادنا عن الصلاة. وهكذا يمكن أن تكون الصلاة في كثير من المرات وليس دائماً مكاناً للصراع الروحي. لذا يجب الوعي على هذه الحقيقة حتى نستطيع "تميز كل هذه الأرواح"والتي يخبرنا عنها القديس أغناطيوس دي لويولا في خبرته الروحية. وهي أن نتعرّف على المراحل والحالات التي تمر بها حياتنا الروحية والتي نعيشها في صلاتنا.هكذا تكون كل حياتنا الإيمانية معركة روحية.فالفخ الذي ينصبه الشيطان لنا هو في إخفاء حقيقة هذا الصراع ليُظهر لنابأن الأمور عادية وأن ليس هناك شيء. هنا يُذكرنا بولس الرسول في رسالته لأهل أفسس: "بأن صراعنا ليس مع اللحم والدم، بل مع أصحاب الرئاسة والسلطان وولاة هذا العالم، عالم الظلمات، والأرواح الخبيثة [...]" (أف 6: 12).في هذه المعركة لندعو السيد المسيح ليقوم أمام هذه الظلمات ليبددها من حياتنا بنوره الأبدي، الذي به غلب العالم.